يَوْمِيَات وَلَد مَصْري

السبت، أبريل 26، 2008

التعيين حسب الأحوال

في طابور الصباح في الجيش كان فيه دايما جملة بتتقال كل يوم، حاولت كتير إني أفهمها لكن للأسف معرفتش، الجملة دي كانت بتتعاد قدامي كل يوم وعلى مدار السنه اللي خدمت فيها مصر (إمنع الضحك)، الجملة العجيبة دي كان بيقولها الصول في البيان الختامي لأحوال الطابور بعد ما بياخد تمام كل سرية وبعد ما بيوزعوا الخدمة سواء على الظباط أو العساكر بلاقيهم يتحفونا وينهوا الكلام بالجملة العجيبة دي واللي بتقول:

"أحوال التعيين حسب الأحوال الله الوطن"

والحقيقة أن الجملة دي خدت من تفكيري وقت كبير جدا، أولا لأني كنت فاضي ومابلاقيش حاجة أعملها فكنت بدور على أي حاجة أفكر فيها حتى لو كانت هايفه (يا قليل الأدب .. طبعا مش قصدي هيفا اللي بتغني، هوه انا كنت في ايه ولا ايه) ثانيا فيه قاعدة فقهية بتقول "إعمال العقل ممنوع مع وجود نص" والحقيقة إن القاعدة دي لا تطبق في الفقه فقط ولكن كانت بتطبق في الجيش كمان بكل حزافيرها، وده طبعا نظرا لأن الجيش بتاعنا مليان نصوص .. ومحفوظات كمان، لذلك فالعسكري مننا كان لازم يسلم عقله وتفكيره في اليوم اللي بيستلم فيه المخلة وياويله اللي يحاول يشغل مخه في أي أمر عسكري لأنهم كانوا بيعتبروه خائن للوطن وبيكَسّر الأوامر العسكرية اللي لا يمكن تنكسر وعشان كده كان لازم يكسروا دماغك قصاد أي أمر تكَسّره عشان تحرم بعد كده تعمل العمل الفظيع ده، غير أنهم بيصبوا عليك شتى أنواع العذاب من زحف على البطن وتسعة استعد (تسعة إستعد ده نوع من أنواع التمارين الرياضية العسكرية إختراع ميري مصري 100% ابقى تعالى تف في وشي لو فهمته أو عرفت تعمله) ولأني زي ما الشاويش عطية (لأ .. ده بتاع أفلام اسماعيل ياسين مش تبعي) كان بيقول "أنا مديش عقلي لغيري أبدا .. هوه بغباوته .. هوه بوشه العكر" لذلك فأنا رفضت إني أسلم مخي لأي مخلوق وخبيته وعملت فيها عم العبيط لحد مارحت الوحدة بتاعتي وبعدين ابتديت واحده واحده أطلعه واستعمله براحه في الخباثة من غير ما حد يشوفني (ايه الكلام الفارغ اللي بقوله ده بايني اتهبلت بجد), المهم إني كنت عاوز أستخدم مخي في التفكير في أي حاجة لأنه لو كان قعد معايا أكتر من كده من غير شغل غالبا ماكنش هيقوم تاني واحتمال يحتاج وصلة كهربا زي اللي بيدوها للمجانين في مستشفيات الأمراض العقلية علشان ينفع يشتغل فقلت أعمله صيانه وأحاول إني أستعمله في التفكيرفي الجملة العظيمة دي:

"أحوال التعيين حسب الأحوال الله الوطن"

أول فكرة جت لي قلت أنهم بيتكلموا عن مشكلة البطالة وأن موضوع تعيين الشباب الخريجيين الجدد هيكون على حسب أحوال كل وزارة وقلت جايز جدا إن ده يكون نوع من أنواع الدعاء لكل العواطليه اللي لسه لم يصبهم الدور بس استبعدت الفكرة دي لأن أي انسان مصري مابيلقيش حاجة يعملها ممكن انه يتطوع في الجيش ويبقى عريف فشاويش فصول لا سي دو (ده السلم الموسيقي حاكم انا كنت مزيكاتي قديم)

وقلت جايز يكون قصدهم التعيين اللي بيوزعوه علينا وبيسموه أكل ميري وطبعا أي طفح بيتوزع في مجاعات الصومال أفضل منه خمسن مرة، لكن قلت جايز يعني يكون قصدهم توزيع التعيين هيتوقف على حسب أحوال العساكر بتوع خدمة المطبخ يعني لو كانوا خريجي سياحة وفنادق مثلا يبقى أمنا دعيالنا لأننا ممكن ناكل بيكاتا بالصوص مع بطاطس بيوريه أو مكرونة بشاميل باللحم المفروم والحلو يكون بودنج بالكريم شانتيه (تصدقوا جعت) وطبعا هتبقى وقعتنا سودا لو كانوا عساكر خدمة المطبخ من خريجي معهد دودة القطن!!

طبعا كمان الفكرة دي ملاقتش عندي اي استحسان نظرا لأني متأكد مليون في الميه أنهم مايفرقش معاهم أي طفح ناكله وأكيد كمان مش هيقولوا في طابور الصباح أحوال التعيين دي عامله إزاي لأنهم بيحبوا يعملوه لينا مفاجأه وده طبعا عشان محدش يقل عقله والشيطان يوزه وينتحر.

الحقيقة قعدت أدور على معنى يكون واضح للجملة الجميلة دي لكن للأسف ولحد ماتخرجت من الجيش معرفتش معناها ولو انها مش فارقة معايا كتير لكن أنا فعلا كان نفسي اعرف معناها للعلم بالشئ.

قبل ما أنهي الموضوع .. في يوم لقيت سويلم جاي يجري وأنا الحقيقة لما بشوف سويلم بيجري ببقى متأكد إنه هيتحفني بكلمتين محتاجين أساتذة لغة عربية لترجمتهم، وفعلا لقيته جاي وقالي كلمة واحدة خلتني ألف حولين نفسي لاقيته بيقولي:
"جبطت"
"أهلا يا سويلم إزيك .. عامل إيه"
"آني كويس يا باشمهندس المهم انت طمني عليك .. جبطت"
"والكلام ده حصل إمتى يا سويلم"
"تاو جاي من عنديهم ديلواك .. وانتااااا"
"أنا ايه يا سويلم الله يرضى عليك"
"جبطت"
يا دي المصيبة الحوار رجع من أوله تاني ولسه مافهمتش..
"سويلم .. بقولك ايه .. ممكن تقولي جملة على بعضها .. وابوس ايدك بلاش اختصارات"
"يا باشمهندس بجولك جبطت الشهرية"
"أأأأأأأأأأأأأه .. انت قصدك قبضت المرتب .. الله يهديك يا سويلم .. ان شاء الله أروح أقبض"

ماهو العسكري مننا في الجيش بيقبضوه دراهم معدودات .. طبعا مش بيخدم البلد .. لأ واحنا بلدنا ايه زمتها زي البرلنت ماتحبش تاكل حق حد أو إن حد يخدمها ببلاش!!

وإن شاء الله نكمل مع يوم سعيد تاني..

التسميات:

posted by ولد مصري at 16:13 28 comments

الخميس، أبريل 17، 2008

حبيبي دائما

إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه .. ده مثل شعبي بيطلق على الشغل في الحكومة لكن أصل كلمة ميري بتعني الجيش وهي كلمة مربوطة بالنظام العسكري بس لاننا كنا بنتحكم من حكومة عسكرية بعد ما قامت ثورة 23 يوليو فالمثل ده بقى يطلق على كل شغل حكومي ولكن في الاصل ان الميري بيعني العسكري.

المقدمة دي كان لابد منها لان في النظام الميري بيستخدموا مصطلحات عجيبة لا يمكن حد يفهمها والحقيقة أنا حاولت أدور على المصطلحات دي في المعاجم المختلفة للغة العربية من معجم لسان العرب إلى مختار الصحاح لكن طبعا كل المحاولات باءت بالفشل الزريع نظرا لأن الشاويش اللي وضع المصطلحات دي غالبا ماكنش بيعرف يقرأ ولا يكتب فللأسف إن علمه الغزير ده ماوصلش للطـُلـَب اللي ألفوا المعاحم دي وبالتالي لم يتم تدوين المصطلحات ولا وضع أساس لها وبقت عامله زي اللغة السواحيلي اللي بيتكلموا بيها في بلاد أفريقيا وعلى فكرة كلمة طـُلـَب جمع طـُلبة بضم الطاء ومعناها العسكري اللي في الخدمة ومنها طلبة مطبخ وطلبة الميز وسنقوم بشرح وافي لكل هذه التعاريف في حينه).

جندي مجند سويلم عبد الشكور كان عسكري زميلنا من الشرقية والحقيقة أنا مش فاكر كان من أنهي قرية تحديدا في محافظة الشرقية لكن هو كان عسكري عادة وطبعا المفروض أنكم عرفتم إن عادة معناه أنه لا يحمل معاه أي شهادات مختومة بختم وزارة التربية والتعليم وأنا أقصد بالكلام ده انه ممكن يكون حافظ لكتاب الله أو دارس في أي كُتَّاب في بلدهم بس نظرا لأن وزارة التربية والتعليم ما ختمتوش على قفاه .. اقصد ما ختمتش على اي شهاده معاه، فبيعتبروه في النظام الميري انه عسكري عادة وبالتالي بيكون عُرضه للبهدلة أكتر من عسكري المؤهلات (تحيا مصر).

سويلم لما كان بيجي يكلمني كنت بضايق جدا وده مش لأني ماكنتش عاوز أكلمه لكن بس كان بيَصعب عليَّ لأني للأسف الشديد ماكنتش بفهم اغلب الكلام اللي بيقلهولي وبالتالي كنت بخليه يعيد كلامه معايا أكتر من مرة لحد مخي ما يقدر يستوعب الكلام بتاعه ويترجم الشفرة اللي كان بيتكلم بيها للغة أقدر أفهمها .. والحقيقة إن الموضوع ده كان لسببين أولا لأنه كان بيستخدم المصطلحات العسكرية العجيبة (لغتنا الجميلة) اللي طبعا محدش بيشرحالك ولا حد بيدرسهالك في الجيش لكن بتستخدم اسلوب تراي اند إرور (جرب واغلط لحد ما تطلع عينيك) علشان تفهم وممكن طبعا في الآخر برضه ما تفهمش وتقضي مدة جيشك كده وانت بتضبش، أما السبب التاني إنه كان عنده أكسنت (لأ طبعا مش قصدي العربية الهيونداي) قصدي إن عنده لهجة مميزة، لكن للأسف لبني آدم زي حالاتي عاش قي القاهرة واتربى في مصر الجديدة (الله يسامحك) كان بيبقى صعب عليَّ جدا إني أفسر كلامه.

في يوم من ذات الأيام لقيت سويلم جاي يجري ووشه القمحي بيلمع وفيه ضحكة مصراوية لزقة على وشه مش راضيه تفارقه وجالي وهو فاشخ ضبه وقال لي:
"يا باشمهندس .. يا باشمهندس .. معاك زونوط أنزليبه"
" أهلا يا سويلم .. ايه يا بني مالك؟"
"خلاص يا باشمهندس خلاص .. بس جول لي معاك زونوط أنزليبه"
"ايه .. بتقول ايه يا سويلم"
"معاك زونوط أنزليبه"
يا عالم أنا في عرض المجمع اللغوي
"معلش يا سويلم مش واخد بالي .. ممكن تعيد كلامك تاني"
"زونوط يا باشمهندس .. زونوط انزليبه"
استغفر الله العظيم يا رب
والله يا سويلم انت عارف انا لو افهم ماحوش عنك حاجه .. يا رب يا مسهل أجرب كمان مرة ..
"بص يا سويلم مافيش مشكلة خالص .. بس قول لي الأول ايه اللي حصل" .. قلت أفهم منه الموضوع من الأول يمكن أقدر أستوعب هو عاوز ايه ..

"أنا يا باشمهندس وأنا جاعد مع الأنفار في الراحة بعد الطابور لجيتهم بينادموا عليَّ (بينادوا عليه .. الحمد لله دي فهمتها .. يا مسهل عقبال باقي الحوار) في مكرفون الإذاعة .. جمت جايم فازز ورحت جري عند ح الصول عطية .. لجيتهم عملينلي 72 (إدوله أجازة 72 ساعة) وجالولي خمس دجايج وعفريت يشيلك ويونكوتك وتكون حدانا هنا .. وأديني لبست لبس الفسحة (لبس بدلة الخروج اللي لونها أخضر ودي بتكون غير البدلة المُمَوَهه بتاعة التدريب زي الصاعقة) وفضيلي زونوط .. ممكن بجه تديني الزونوط بتاعك علشان أنزل الأجازة"

"آآآآآآآآآآآه .. بقى انت كنت عاوز الزنط (جاكت بلغة الجيش) علشان تنزل بيه (زونوط أنزليبه)"
"بس كده .. حاضر .. من عيوني يا سويلم"

رحت جري مطلعهوله من المِخْلة وادتهوله علشان مكسرش بخاطره ولو أن ده مخالف للقواعد العسكرية (عدم إعطاء المهمات للغير – المهمات هو كل ما يتعلق بالفرد المجند) بس معلش الناس لبعضيها حتى ولو كان فيها مخالفة ولا حتى محاكمة عسكرية.

ونكمل بإذن الله في يوم تاني ..

التسميات:

posted by ولد مصري at 10:18 28 comments

الخميس، أبريل 10، 2008

البـــرئ

بعد ما أنهيت الكلية وزي أي شاب مصري بيخلص دراسته ابتديت رحلة الإعداد للجيش واللي انتهت بإني بقيت جندي مجند في سلاح الإشارة وسلمت نفسي في مركز التدريب الخاص بيه وابتديت مرحلة جديدة من حياتي استمرت لمدة عام كامل.

الحقيقة وبمجرد دخولي الكتيبة في مركز التدريب ابتديت اعمل تصنيف للناس اللى معايا في العنبر نظرا لأنهم كانوا أكتر الناس اللي هتعامل معاهم على مدار الخمسة وأربعين يوم التالية والتي تمثل فترة وجودي في مركز التدريب، وبالفعل قررت إني أصنفهم على حسب نوع الشخصية، فالشخصيات المحترمة حطيتهم في مجموعة لوحدهم وكذلك الشخصيات الزبالة حطيتهم هما كمان في صفيحة لوحدهم وعملت تصنيف تالت للشخصيات الزبالة اللي ممكن تبقى محترمة مع مرور الوقت، لكن للأسف إن المجموعة دي فضلت فاضية طول فترة تجنيدي !!

كان من الشخصيات المحترمة زميلنا ناجح وهوه كان شاب أسمر من قنا قصير الهامة تشعر بمجرد رؤيته إنك امام شاب مصري أصيل اتربى على ضفاف النيل وشرب من مَيّتُه وأكل من خيره. ناجح كان عسكري عاده بمعنى أنه كان لا يحمل معه من شهادات القراءة والكتابة الا القليل ومع ذلك فهو يتكلم بفلسفة ابن النيل الذي تعلم أسرار الحياة من خلال تجاربه مع بني البشر والتي أَعتقد أنها تعادل درجة الماجستير وربما درجة الدكتوراه مع حصوله علي مرتبة الشرف والاحترام.

في المقابل كان فيه شخصية الشويش رجب وهي شخصية سوداوية تكره سيرة المؤهل العالي وسنينه وترى أن حرام فيهم الطفح اللي بيكلوه والمسمى بالمصطلح الميري "التعيين" مع اعتقاده إن في حالة نشوب أي حرب فلابد من وضع هذه التحف والمسماه بالمؤهلات العليا اللي جاية تخدم سنة بس في الجيش وتخلع، لابد من التضحية بيهم ووضعهم في الصفوف الأمامية مع مراعاة تجريدهم من كل أنواع الأسلحة واللبس (يا قليل الأدب) نظرا لأنهم كده أو كده هيغوروا في داهية ومش هيرجعوا تاني.

الشويش رجب يا سادة كان بيمتاز بقصر القامة مع طول اللسان واليد بالإضافة لحنجرة جهورية الصوت تستطيع سماعها من على بعد عدة كيلومترات وهو صاحب القول المأثور "أول ما تسمع نِدا إجمع الكتيبة عاوزك ترمي كل اللي في إيدك وتخلي عفريت يشيلك ويونْكوتك ويجيبك قصادي هنا واقف إنتباه" وطبعا موضوع العفريت ده كان الشغل الشاغل للكتيبة كلها ازاي تجيب عفريت عشان المهمة الشاقة بتاعة الشيل والحط دي والحقيقة الموضوع ده كان مهم جدا مع الشويش رجب لأنه ياويله اللي هيتأخر بعد ما ينادي بعلو صوته "إجمع الكتيبة" فكان بيستخدم هبة طول اللسان واليد اللي ربنا ابتلاه بيهم ويطلقهم على خلق الله بدون أي شفقة أو رحمة فحضرتك على غيار الريق هتلاقي نفسك بتشندف ودانك بمقاطع مختلفة من قلة الأدب والسفالة اللي عمرك ما سمعتها قبل كده ولا عمرك هتسمعها في حياتك بعد كده ولذلك كان من الضروري أن كل أفراد الكتيبة وأنا أولهم نرمي كل اللي في ايدينا ونجري نخبط ونتكعبل في بعض علشان نقف انتباه امام الريس رجب في اسرع وقت منعا للأسباب سالفة الذكر.

في أحد الأيام كنت واقف خدمة على العنبر اللي بنّام فيه وكان المطلوب مني في نوبة الخدمة دي إني أقوم بكنس العنبر ومسحه وحراسته مع مراعاة إني لازم أخلّي أرضية العنبر تبقى مرايا عشان الشويش رجب لما يمر لازم يشوف فيها سحنته البهية ويسرح فيها شنبه اللي شبه جدون العجلة، وطبعا دي كانت تعتبر ميشن إمبوسيبل (مهمة مستحيلة) نظرا لأن أرضية العنبر تتمتع بأعلى المواصفات من حيث القذارة والنتانة، فهي مبنية أصلا من بلاط سطوح رمادي اللون محبب ومغطى بطبقة سميكة من الجلخ الممزوجة برائحة العرق والصنان (البول) المنتشرة في أركان العنبر والتي أكاد أجزم أنها لابد ان تكون صادرة من مصادر طبيعية وهذه الروائح تختلط هي الأخرى برائحة أكثر نتانة وهي تلك الرائحة المنبعثة من شرابات العساكر والتي تستطيع من خلالها التأكد من إمكانية لزق هذه الشرابات على الحيطة بمنتهى السهولة بسبب وجود تلك المادة الصمغية السوداء داخلها والتي عادة ما تنتج من عدم خلع هذه الشرابات لأيام تتراوح بين الثلاث والعشرة على أسوأ تقدير.

المهم وأنا وسط هذا الجو الشاعري الجميل في الخدمة لقيت زميلي ناجح داخل عليَّ العنبر ووشه مزنهر ولون خدوده حمرا وكانت بتبرق وتلمع زي بلاط العنبر اللي أنا لسه مسحه فسألته "إيه مالك يا ناجح؟"
"الشويش رجب صبح عليَّ النهاردة بست اجلام (ضربه ست أقلام على وشه النهارده الصبح)"
"يا نهار أبيض ست أقلام يا ناجح .. سته .. مش كتير شوية؟"
"لع ماهو عطاني تلت اجلام مِجوز"
"مِجوز ازاي يعني"
"يعني كان بيضربني بإيديه الاتنين مع بعض عشان مايضيعش وَجْت"
"طيب وعملت ايه"
"أبدا .. إديته التحية وجُلْتله يلزم حاجة تانية يا فندي .. جَلّي لع .. إنصراف .. فرحت مِنصرف من خلجَته وجُلت أجي أحكي معاك حبتين"
قعدت أطيب خطره بكلمتين وحسيت ساعتها قد ايه البني آدم مننا بيبقى نفسه يصرخ ومابيقدرش وبيبقى نفسه يعيط لكن بيحبس دموعه جواه ويخنقها جوه نيني عينه علشان مايتقلش عليه إنه مش راجل.
القصة البايخة دي لسه مانتهتش لكن بإذن الله نكملها في يوم تاني..

التسميات:

posted by ولد مصري at 14:43 19 comments

السبت، أبريل 05، 2008

عصام والبطيخة

طول عمري ما بحبش اروح الملاهي وكنت دايما بشوف ان الملاهي وسيلة غبية لتضيع المال والصحة وعمري ما فهمت السبب اللي يخلي رجالة بشنبات يروحوا يطيروا فلوسهم في الهوا غير انهم بيعملوا زي اللي بيشرب خمرة بيضيع فلوسه على شرب سم هاري طعمه يقرف علشان يتوه عن دنيته وبعدين لما يفوق منه يحس بصداع هيفرتك دماغه طب ده اسمه كلام!!

المهم إن في اليوم ده اقترح واحد صاحبنا سئيل اننا نروح الملاهي وطبعا أنا اعترضت على الفكرة ورفضتها من أساسها بزريعة ملاهي ايه في الحر ده، مراجيح ايه يا سي زفت انت وهوه اللي عاوزين تركبوها، طب دي قاعدة القهوة مافيش أحسن منها .. وهكذا من الشعارات المحبطة والإعلام المضاد حتى يتم عمل رأي عام يناهض الفكرة المطروحة وأتمكن من الوصول لهدفي المنشود وهوه عدم مرواح الملاهي .. ولكن للاسف الشديد وبنفس طريقة مجلس الشعب، القرار كان للأغلبية حتى وإن كان هذا القرار ليس في مصلحة أي مخلوق وكان على حساب الغلابة من أمثالي وطبعا اضطريت اني اوافق على مضض وأكتم بركان الشتيمة اللي اتحشر جوه حلقي علشان خاطر أم الديمقراطية اللي فرضت نفسها على كل شئ في حياتنا.

وبعد التمثلية الهزلية اللي حصلت بدأنا الترتيب للخروجة .. اقترح البعض أننا نتقابل عند صاحبنا عصام نظرا لأن أبوه وأمه سابوله البيت وطفشه من الحر وطاروا على اسكندرية والحقيقة أن ديه كانت فرصة طيبة أننا نشرب كوبايتن شاي قبل ما نروح الملاهي ولاسيما أن الميعاد كان بعد العصر مع تأكيدات الريس عصام لينا أن كل واحد يطفح في بيتهم قبل ما يجي لأن البيت منفض من أي نوع من أنواع الأكل ومافيش غير الشاي اللي هيتشرب علشان واجب الضيافة.

في الميعاد المتفق عليه أبتدينا نهل واحد ورا التاني وفعلا عم عصام دخل علينا بصينية عليها كام كوب من الشاي وبراد كبير وبرطمان فيه شوية سكر وطبعا الأمر ماخلاش من بعض التعليقات السخيفة من اصحابنا أمثال "صبحية مباركة يا عروسة" "ماكنش فيه داعي للمصاريف دي" وطبعا أبو عصام لم يلقى بالا لهذه التعليقات ومشى بخطوات ثابتة بطيئة مع رسم ابتسامة بلهاء على الشفة وتجميد الوجه في وضع أسمنتي غريب إعرابا عن استياؤه من هذه التعليقات الى أن وصل الى طرابيزة عتيقة في منتصف الغرفة ووضع عليها الصينية وبدأ في صب الشاي.

بعد الانتهاء من قصة الشاي وقبل أن نستعد للرحيل فاجأنا عصام بجملة غريبة لا محل لها من الاعراب وهي "على فكرة يا جماعة أنتوا ملكمش في الطيب نصيب، لأن أبويا كان سايب بطختين في التلاجة والحقيقة أنا كنت عامل حسابي أني آكل واحدة واسيب لكم التانية بس الله يسمحوا بقى عمرو أخويا قام بالواجب بالنيابة عنكم" طبعا كان واضح جدا إن ده كان نوع من أنواع الانتقام اللي صاحبنا عصام قرر أنه يرد بيه على التعليقات الظريفة اللي اتقالت له عند دخوله بصينية الشاي والحقيقة أنه نجح الى حد بعيد أنه يخلي معناويات الشباب تنزل في الأرض وطبعا لم تفلح جميع محاولات الاعتذار التي قام بها كل الموجودين واللي كان ممكن لو نجحت تدخلنا منعطف خطير من لهط بطيخة تِطَري على قلوبنا في نار جهنم اللي احنا فيها دي لكن للأسف باءت كل المحاولات بالفشل مع حلفان عصام بجميع أيمانات المسلمين أن البطيختين اتنسفوا على ايده هوه والباشا أخوه من نص ساعة بس.

خرجنا من عنده بزفة شتيمة وقباحة وتأسف على اليوم الأسود اللي اتعرفنا فيه على شخصيتة الزبالة وكالعادة أبو عصام لم يرد على أيا من منتقديه واتبع سياسة ضبط النفس ومشى بخطواته الثابتة البطيئة.

وصلنا أخيرا مدينة الملاهي وكالعادة كانت زحمة بغباوة ومليانه بشر ماشيين وكل واحد منهم مش عارف هوه بيعمل ايه هنا وافتكرت أغنية محمد عبد الوهاب وهوه بيقول "جايين الدنيا ما نعرف ليه .. ولا رايحيين فين" المهم اني اقترحت أن كل واحد يروح يركب اللي هوه عاوزه ونتقابل بعد نص ساعة وطبعا دي كانت حيلة مني علشان اختفي منهم علشان ماركبش حاجة وفعلا نجحت الفكرة وقررنا نقسم نفسنا بحسب نوع اللعبة اللى هنركبها وطبعا انا قلتلهم اني مضطر أروح بيت الراحة واني ححصلهم بعد كده.

أبو عصام قرر أنه يركب اللعبة الغبية اللي اسمها البالارينا أو العروسة الراقصة واللعبة دي فكرتها بمنتهى البساطة أنها تعتمد على قوة الطرد المركزي والتي تجعلك تكون كقطعة الغسيل المجففة التي تخرج من الغسالات الأوتوماتيكية بعد انتها دورة العصر والتنشيف. وبالفعل ذهب عصام ليركب العروسة وذهبت أنا لأجلس في احدى الأركان بحثا عن هدوء مفقود في مدينة امتلأت بأجواء الصخب والموسيقى.

وبعد لحظات من الهدوء والتي لم تدم طويلا لقيت ناس كتير طالعين يجروا على لعبة العروسة اللي صاحبنا عصام المفروض انه راكبها وبيصرخوا بطريقة عشوائية صريخ مقلق ينم عن حدوث مصيبة ولم أشعر بنفسي الا وأنا بجري أنا كمان في اتجاه الصويت وقدرت أفهم من الصريخ أن فيه واحد إتعور في لعبة العروسة وإنه اتخبط في رأسه خبطة جامدة جدا اتفتحت راسه بسببها وعمالة تجيب في دم زي النافورة ومش بس كده ده كمان الدم من سرعة اللعبة غرّق كل اللى كانوا واقفين بيتفرجوا على اللعبة وأنهم بيحولوا يوقفوا اللعبة بسرعة علشان ينقذوا الشخص ده !!

طبعا أنا قلبي وقع في رجليه وابتدى شريط كامل من الذكريات يعدي قدامي وافتكرت عصام صديق العمر وصينية الشاي والتريقة بتاعتنا عليه ووشه الأسمنت وسياسة ضبط النفس وخطواته الثابتة وكل ده في الكام دقيقة اللى عدت لحد ما اللعبة وقفت.

بدأ الناس في النزول وبدأت أنا أدور على عصام زي المجنون وألف وأدور في المكان بدون أي فايدة أبتديت أرفع صوتي وأنادي عليه "عصام .. يا عصام" لكن للأسف بدون أي مجيب !!

قابلت أصدقائنا اللي اتجمعوا هما كمان في المكان وقاعدنا كلنا ندور على عصام بدون أي نتيجة، قلت طيب خلينا نشوف الشخص اللي اتعور يمكن يكون هوه، وفعلا ابتدينا البحث عن الشخص المصاب وكان الشئ العجيب أننا لم نجد أي شخص مصاب !!

بعد فترة من الدهشة وتَأكُدْنا أن مافيش حد مصاب ولا يحزنون فوجئنا بصديقنا عصام يمشي بخطواته الثابتة البطيئة برضه ويتجه ناحيتنا بهدوءه المعتاد .. "ايه يا بني كنت فين قلقنا عليك"
"معلش كنت في الحمام"
"في الحمام؟ هوه انت ماركبتش العروسة؟"
"لأ ركبتها"
"طب وبعدين شفت الشخص اللى اتعور"
"مافيش حد اتعور"
"تقصد ايه؟"
"الموضوع وما فيه اني .. اني طرشت البطيخة اللي كلتها والناس اللي كانوا واقفين تحت لما جه عليهم الطرش افتكروه دم وقعدوا يزعقوا ويقولوا فيه واحد اتعور ووقفوا اللعبة وطبعا أنا نزلت أجري على الحمام علشان أكمل طرش براحتي"

قعدنا نضحك وفطسنا على روحنا من الضحك على عصام والبطيخة اللي واضح أنها كانت حمرا زي الدم وخرجنا من الملاهي واحنا بنضحك ومشينا ومشي عصام وسطينا بخطواته الثابتة البطيئة..

يلا خيرها في غيرها ونتقابل في يوم جديد بإذن الله.

التسميات:

posted by ولد مصري at 14:10 14 comments