يَوْمِيَات وَلَد مَصْري

الاثنين، أبريل 12، 2010

فسحة من الوقت للكتابة – 3

جلست العمة فهيمة في مكانها المعتاد والذي منه تطل على كافة أرجاء المنزل ووضعت بجانبها حقيبتها .. اجتمعت حولها الأسرة وجلس بجوارها والد شروق الأستاذ مصطفى طاهر مدرس اللغة الانجليزية.

بدأ الحديث المعتاد عن الأحوال العامة والمواصلات والشوارع التي امتلأت عن آخرها بكل ما هو متحرك وساكن إلى الدرجة التي تجعل العابر لها كالسابح ضد التيار، بعدها بدأت العمة فهيمة في السؤال عن أخبار العائلة عامة وأخبار شروق خاصة ثم بدأت في توجيه دفة الحوار إلى شروق والتمهيد إلى الهدف الأساسي من الزيارة.

العمة فهيمة: ها .. أخبارك إيه يا عروستنا؟

شروق: بخير .. بخير الحمد لله يا عمتو

فهيمة: الحمد لله .. يلا بقى عايزين نفرح بيكي .. ولا إنت ايه رأيك يا مصطفى؟ انت مش شايف ان احنا المفروض بقى نفرح بشروق؟

مصطفى: لسه بدري يا فهيمة البنت لسه صغيرة

فهيمة: البنات بيكبروا بسرعة يا مصطفى

مصطفى: طيب مش لما تخلص تعليمها الأول

فهيمة: طيب وبعد ما تخلصه؟ ايه اللي هيحصل؟

مصطفى: هتتجوز ان شاء الله

فهيمة: شفت .. يعني برضه في الآخر مالهاش غير الجواز

مصطفى: أيوة بس بعد ما نكون اطمنا عليها وعلى مستقبلها

فهيمة: يا مصطفى البنت مالهاش غير الجواز والست مالهاش غير بيتها وعيالها وبعدين يا سيدي تبقى تكمل الدراسة وهي متجوزة .. أهو العريس يبقى يذاكر لها .. ولا انتي رأيك ايه يا عروسة؟

كانت شروق تستمع إلى هذا الحوار المكرر كأنها تشاهد إحدى المسلسلات المصرية القديمة ولم تكن تتخيل أبدا أنهم يتحدثون عنها ، وأن شهادتها ستطلب أمام هيئة القضاء للفصل في النزاع المطروح. إختلطت عليها المشاعر بين إرتباك وخجل مع خوف وأمل .. بدأت الضحكات تعلو من حولها، بينما هي مازالت سارحة في إجابة لهذا السؤال المباغت والذي يبدو من ضحكات الأسرة أنهم قد انتزعوا إجابته منها تطبيقا للمثل القائل السكوت علامة الرضا.

الآن أصبحت الظروف مواتية للعمة فهيمة للكلام عن صلاح ، بدأت في تجميل بضاعتها كبائع يسوق سلعته لزبون ساذج ، ألقت بشباكها حول تلكم الفتاة البريئة تخدعها بكلماتها المعسولة عن الزواج ، فكانت شروق بعدها كفريسة مخدرة تماما تنساق .. إلى حيث المجهول....

(تتبع البقية إن كان في العمر بقية)
posted by ولد مصري at 17:20 13 comments

الخميس، أبريل 01، 2010

فسحة من الوقت للكتابة – 2

شعرت بأناملها تنبض من جديد ، أرادت ان تصف تلك اللحظات العصيبة التي تعيشها .. بحثت عن البداية الضائعة لقصتها .. فقد إختلطت عليها الأحداث كما إختلطت عليها البدايات .. نعم .. بدايات كثيرة لنهاية واحدة ، قصص مختلفة لنفس البطلة .. ربما كان هناك آخرون معها وحولها .. ولكن ستظل هي دوما البطلة الوحيدة حتى النهاية.

البداية كانت في المرحلة الثانوية وتحديدا في الصف الثاني منها، عندما أتت العمة فهيمة لزيارة العائلة ، لم تكن شروق حينئذ قد تعدت السادسة عشر من عمرها بالرغم من تفجر ينبوع الأنوثة منها ، وكان هذا هو الدافع الذي أتى بالعمة فهيمة إلى منزل عائلة شروق فهي تريد خطبتها لإبن جارتها الرائد صلاح الذي تعدى الخامسة والثلاثين.

العمة فهيمة هي الشقيقة الكبرى لوالد شروق ، إمرأة نحيفة القوام متوسطة الطول ذات شخصية سيادية قوية ينطلق منها نظرات حادة تصيب كل من تقع عليه برهبة مؤقتة تزول مع زيادة المعرفة بها وكانت هذه النظرات تنطلق من عينين واسعتين تستتران خلف نظارة سميكة الإطار ذات عدسات شفافة رقيقة.

أما الرائد صلاح فكان ذو بنية عسكرية ضخمة وملامح جادة تدل على شخصية قيادية غليظة ، فعينيه جاحظتان أسفل حاجبان كثيفان ، وله شارب محدود خفيف ، ولم يبق من شعر رأسه إلا القليل على الجانبين ومع ذلك فهو يحتفظ ببعض الخصيلات التي يحاول من خلالها تغطية الجزء الأكبر من تلك المساحة العارية من الشعر.

كانت تلك الزيارة هي بداية لفصل جديد من حياة شروق .. أو سمها إن شئت بداية جديدة لفصل شروق عن الحياة .....

(بمشية الله البقية ..إن كان في العمر بقية)

التسميات:

posted by ولد مصري at 10:28 12 comments