يَوْمِيَات وَلَد مَصْري

الخميس، أبريل 10، 2008

البـــرئ

بعد ما أنهيت الكلية وزي أي شاب مصري بيخلص دراسته ابتديت رحلة الإعداد للجيش واللي انتهت بإني بقيت جندي مجند في سلاح الإشارة وسلمت نفسي في مركز التدريب الخاص بيه وابتديت مرحلة جديدة من حياتي استمرت لمدة عام كامل.

الحقيقة وبمجرد دخولي الكتيبة في مركز التدريب ابتديت اعمل تصنيف للناس اللى معايا في العنبر نظرا لأنهم كانوا أكتر الناس اللي هتعامل معاهم على مدار الخمسة وأربعين يوم التالية والتي تمثل فترة وجودي في مركز التدريب، وبالفعل قررت إني أصنفهم على حسب نوع الشخصية، فالشخصيات المحترمة حطيتهم في مجموعة لوحدهم وكذلك الشخصيات الزبالة حطيتهم هما كمان في صفيحة لوحدهم وعملت تصنيف تالت للشخصيات الزبالة اللي ممكن تبقى محترمة مع مرور الوقت، لكن للأسف إن المجموعة دي فضلت فاضية طول فترة تجنيدي !!

كان من الشخصيات المحترمة زميلنا ناجح وهوه كان شاب أسمر من قنا قصير الهامة تشعر بمجرد رؤيته إنك امام شاب مصري أصيل اتربى على ضفاف النيل وشرب من مَيّتُه وأكل من خيره. ناجح كان عسكري عاده بمعنى أنه كان لا يحمل معه من شهادات القراءة والكتابة الا القليل ومع ذلك فهو يتكلم بفلسفة ابن النيل الذي تعلم أسرار الحياة من خلال تجاربه مع بني البشر والتي أَعتقد أنها تعادل درجة الماجستير وربما درجة الدكتوراه مع حصوله علي مرتبة الشرف والاحترام.

في المقابل كان فيه شخصية الشويش رجب وهي شخصية سوداوية تكره سيرة المؤهل العالي وسنينه وترى أن حرام فيهم الطفح اللي بيكلوه والمسمى بالمصطلح الميري "التعيين" مع اعتقاده إن في حالة نشوب أي حرب فلابد من وضع هذه التحف والمسماه بالمؤهلات العليا اللي جاية تخدم سنة بس في الجيش وتخلع، لابد من التضحية بيهم ووضعهم في الصفوف الأمامية مع مراعاة تجريدهم من كل أنواع الأسلحة واللبس (يا قليل الأدب) نظرا لأنهم كده أو كده هيغوروا في داهية ومش هيرجعوا تاني.

الشويش رجب يا سادة كان بيمتاز بقصر القامة مع طول اللسان واليد بالإضافة لحنجرة جهورية الصوت تستطيع سماعها من على بعد عدة كيلومترات وهو صاحب القول المأثور "أول ما تسمع نِدا إجمع الكتيبة عاوزك ترمي كل اللي في إيدك وتخلي عفريت يشيلك ويونْكوتك ويجيبك قصادي هنا واقف إنتباه" وطبعا موضوع العفريت ده كان الشغل الشاغل للكتيبة كلها ازاي تجيب عفريت عشان المهمة الشاقة بتاعة الشيل والحط دي والحقيقة الموضوع ده كان مهم جدا مع الشويش رجب لأنه ياويله اللي هيتأخر بعد ما ينادي بعلو صوته "إجمع الكتيبة" فكان بيستخدم هبة طول اللسان واليد اللي ربنا ابتلاه بيهم ويطلقهم على خلق الله بدون أي شفقة أو رحمة فحضرتك على غيار الريق هتلاقي نفسك بتشندف ودانك بمقاطع مختلفة من قلة الأدب والسفالة اللي عمرك ما سمعتها قبل كده ولا عمرك هتسمعها في حياتك بعد كده ولذلك كان من الضروري أن كل أفراد الكتيبة وأنا أولهم نرمي كل اللي في ايدينا ونجري نخبط ونتكعبل في بعض علشان نقف انتباه امام الريس رجب في اسرع وقت منعا للأسباب سالفة الذكر.

في أحد الأيام كنت واقف خدمة على العنبر اللي بنّام فيه وكان المطلوب مني في نوبة الخدمة دي إني أقوم بكنس العنبر ومسحه وحراسته مع مراعاة إني لازم أخلّي أرضية العنبر تبقى مرايا عشان الشويش رجب لما يمر لازم يشوف فيها سحنته البهية ويسرح فيها شنبه اللي شبه جدون العجلة، وطبعا دي كانت تعتبر ميشن إمبوسيبل (مهمة مستحيلة) نظرا لأن أرضية العنبر تتمتع بأعلى المواصفات من حيث القذارة والنتانة، فهي مبنية أصلا من بلاط سطوح رمادي اللون محبب ومغطى بطبقة سميكة من الجلخ الممزوجة برائحة العرق والصنان (البول) المنتشرة في أركان العنبر والتي أكاد أجزم أنها لابد ان تكون صادرة من مصادر طبيعية وهذه الروائح تختلط هي الأخرى برائحة أكثر نتانة وهي تلك الرائحة المنبعثة من شرابات العساكر والتي تستطيع من خلالها التأكد من إمكانية لزق هذه الشرابات على الحيطة بمنتهى السهولة بسبب وجود تلك المادة الصمغية السوداء داخلها والتي عادة ما تنتج من عدم خلع هذه الشرابات لأيام تتراوح بين الثلاث والعشرة على أسوأ تقدير.

المهم وأنا وسط هذا الجو الشاعري الجميل في الخدمة لقيت زميلي ناجح داخل عليَّ العنبر ووشه مزنهر ولون خدوده حمرا وكانت بتبرق وتلمع زي بلاط العنبر اللي أنا لسه مسحه فسألته "إيه مالك يا ناجح؟"
"الشويش رجب صبح عليَّ النهاردة بست اجلام (ضربه ست أقلام على وشه النهارده الصبح)"
"يا نهار أبيض ست أقلام يا ناجح .. سته .. مش كتير شوية؟"
"لع ماهو عطاني تلت اجلام مِجوز"
"مِجوز ازاي يعني"
"يعني كان بيضربني بإيديه الاتنين مع بعض عشان مايضيعش وَجْت"
"طيب وعملت ايه"
"أبدا .. إديته التحية وجُلْتله يلزم حاجة تانية يا فندي .. جَلّي لع .. إنصراف .. فرحت مِنصرف من خلجَته وجُلت أجي أحكي معاك حبتين"
قعدت أطيب خطره بكلمتين وحسيت ساعتها قد ايه البني آدم مننا بيبقى نفسه يصرخ ومابيقدرش وبيبقى نفسه يعيط لكن بيحبس دموعه جواه ويخنقها جوه نيني عينه علشان مايتقلش عليه إنه مش راجل.
القصة البايخة دي لسه مانتهتش لكن بإذن الله نكملها في يوم تاني..

التسميات:

posted by ولد مصري at 14:43

19 Comments:

بجد يا ريت تكمل
و بم انى بنت و ماليش جيش الحمد لله (دلوقتى الحقد يطلع)
فاحب اعرف ايه اللى بيحصل هناك يعنى
و انا حجزت اول كومنت اهوه
عشان تعرف بس
و دمتـــــــــــــــــــم

الجمعة, أبريل 11, 2008 4:43:00 م  

بضم صوتى لصوت ساموا عايزين نعرف و بالتفصيل.اللهجه الصعيدى فيها موسيقى جميلة بس يا ريت مافيناش من حذف تفاصيل يعنى لو كنت انت كمان اخدت من الشاويش صباح الخير زى زميلك تقول و متخبيش و متخفش الجيش برضه للرجالة.

الجمعة, أبريل 11, 2008 8:43:00 م  

مش ممكن بتوصف بطريقة خلتنى احس انى شايفة كل اللى بتقول عليه
وبجد بجد بحمد ربنا انى مش ولد ربنا يكون فى عونكم
عايزاك بقى تكمل بس بالتفصيل يوم بيوم

السبت, أبريل 12, 2008 1:11:00 ص  

مره اخرى بأقول انه فاتنى كتير ..
يعنى هما يومين اغيبهم الاقى الهمه دى كلها طلعت مره واحده وكمان ما لحقتش التعليق الاول ولا حتى الثانى معلش خيرها فى غيرها ..
بس حقيقى وحشتنى قصصك اللى دمها زى العسل وحكاويك الظريفه وحاتابع علشان
متشوقه لبقيه الحكايه وللبوست الجاى .

تحياتى

rovy

السبت, أبريل 12, 2008 5:11:00 ص  

ساموراي باشا (جالك ترقية من هانم لباشا يللا ماهي الالقاب ببلاش مش دافعين فيها حاجة)

شكرا على التعليق وربنا يسهل وأفتكر المواقف اللي ينفع تتكتب لان فيه مواقف تانية ما يعلم بيها الا ربنا ماينفعش تتحكي أبدا (ماتفهمنيش غلط انا قصدي يعني عشان الشتيمة الخارجة اللي الرقابة مش ممكن تسمح بيها).

السبت, أبريل 12, 2008 2:30:00 م  

جنة

لأ ده انتي هتسمعي أحلى كلام ان شاء الله هتلاقي الهجة الصعيدي والفلاحي والاسكندراني (ربنا يستر وساموراي ماتزعلش مننا) وفيه لغات ماعرفش من أنهي منطقة بالظبط.

بالنسبة للاصطباحة بتاعة الشويش رجب فالحمد لله الميزة الوحيدة اللي استفدت منها من إني اتخرجت من كلية الهندسة إنهم لا يمكن يمدوا ايديهم على المؤهلات العليا (بيمدوا لسانهم بس) لأنهم عارفين أننا نعرف حقوقنا كويس وعارفين أن في الميري ماتقدرش تمد ايدك على عسكري لكن لو عايز تتعبه ممكن تديله تدريبات لكن ضرب لا يمكن ولو ده حصل حتقوم مظاهرات في الجيش ودي تبقى كارثة.

السبت, أبريل 12, 2008 2:41:00 م  

موناليزا

شكرا على تعليقك الجميل وان شاء الله ربنا يسهل وأكمل.

وطبعا أنا بعتذر عن أي لفظ مش ظريف كتبته بس ده علشان أوضح الصورة لاني الحقيقة لما بدخل على مدونتك بحس إني مش بني آدم ..... طبعا بحس إني ملاك :) (ليه يا زمن ماسبتناش أبريا)

السبت, أبريل 12, 2008 2:48:00 م  

روفي

بصراحة المركز الرابع ده ميلقشي بيكي أبدا أنا يا روفي يا بنتي وأنا في سنك كنت دايما بطلع الأول (كل الأبهات كانوا بيخدوا المركز الاول أمال مين اللى بيطلع الأخير).

ما علينا المهم اننا نحب نشوفك معانا دايما ونطمن عليكي وان شاء الله البوست الجديد هكمل فيه موضوع الجيش .. والعمليات البطولية اللي قمنا بيها على خط الكنال:
الاسم أدهم والنأب شرقاوي
يحميك يا ولدي

إمنعوا الضحك

السبت, أبريل 12, 2008 3:02:00 م  

يا ساتر
لما ده الجيش اومال المعتقل عامل ازاي

في انتظار باقي الحكايه

تقبل مروري

الثلاثاء, أبريل 15, 2008 6:19:00 م  

معلش نسيت اقول ان الساعه اللي انت حاططها في البلوج حلوه اوي

رسمها بايدك ولا ايه:)

الثلاثاء, أبريل 15, 2008 6:21:00 م  

أبلة داي دريمنج (معلش مش واخد على كلمة "مس" أصلي كنت مدارس بلدي مش أفرنجي)

شكرا على مرورك والتعليق والتريقة على الساعة..

معتقدش إن فيه فرق كبير بين السجن والمعتقل يمكن بس الفرق الوحيد إن في المعتقل ممكن يفرجوا عنك لحسن السير والسلوك لكن في الجيش لما بتبقى حسن السير والسلوك بيدوك على قفاك.

أما بقى بالنسبة لموضوع الساعة فتريقة مقبولة بس على فكرة انا قلبي إسود فحمة ومابنساش طاري ابدا.. بس بجد تعليق ملعوب

الثلاثاء, أبريل 15, 2008 8:57:00 م  

والله أنا دخلت البلوج بتاعك اكتر من مرة النهارده وكل مرة أقعد أقرا فى البوستات كلها واموت من الضحك وأمشى
وبعدين حسيت انى لازم برضة أشجعك كده واسيب تعليق مش معقول يعنى ازور وماجيبش زيارة
:)
والله البلوج بتاعك حلو جدا واسلوبك قوى من اول بوست وبجد الواحد محتاج لكلام زى كده علشان بصراحة الموود مش حلو اليومين دول,,ربنا يكرمك على البسمة اللى انت بتديهالنا وياللا بأه مش حاطول عليك علشان دى اول زيارة

الأربعاء, أبريل 16, 2008 10:21:00 م  

أمولة

شكرا على الزيارة (أقصد اللي انتي جايباها)

ويا ريت كل الناس اللى بيدخلوا يعملوا زيك كده ومايدخلوش بإيديهم فاضية كان زماني دلوقتي لقيت اكتر من 250 تعليق

المهم ان الحمد لله الناس بتنبسط لما بتقرأ المواقف المكتوبة والاهم ان الناس ترجع تقرأ تاني لازم نسمع كلام ماما سوزان - القراءة غذاء الروح

تحياتي

الخميس, أبريل 17, 2008 7:19:00 ص  

بجد بجد

على اد ضحكى من وصفك العسل واللى دمه خفيف ومعلشى (واللى قرفنى برضو)

وبرغم من تلقائيه ناجح

ان حسيت بضيق لما قال اضرب ولو كنت طولت فى الكلام كنت هعيط


بس الحمد لله ربنا ستر وخلصت كلام

الأحد, أبريل 20, 2008 3:13:00 ص  

همس

يعني انتي حسيتي من القرف من مجرد القراءة أمال تعملي إيه لو كنتي زي بقيت العساكر عايشة وسط القرف ده.

وبعدين قصة ناجح دي في زيها قصص كتيرة وفعلا هم يبكي وهم يضحك.

وبعدين برضه لو عندك دمعتين محبوسين نفسك تفرجي عنهم مافيش مانع جدي راحتك على الآخر احنا نحب بريح الزباين بتوعنا.

تحياتي

الأحد, أبريل 20, 2008 8:58:00 ص  

بألي ساعه بدور على التعليق بتاعي هنا عشان اشوف ردك عليه

لا بجد انا مش بتريق الساعه فعلا جميله اوي والله عاجباني

الأربعاء, أبريل 30, 2008 1:05:00 ص  

daydreaming

حيث كده بقى مدام الساعة عجباكي يبقى لا يمكن ترجع خلاص نلفها ونجبهالك لحد عندك ..

متحوليش .. لا يمكن أبدا .. يستحيل

حضرتك تحبي نبعتها على البيت ولا على المدرسة.

ولو عاوزة الشات بوكس كمان مافيش مانع نبعته مع الساعة بس أهم حاجة متتأخريش علينا.

الأربعاء, أبريل 30, 2008 2:40:00 م  

منتهي اللاانسانيه ايه ده الجيش رخم كده
الحمد لله اني طلعت بنوته بقي :)

الجمعة, أكتوبر 03, 2008 3:20:00 ص  

كيارا

ايوة احمدي ربنا وبوسي ايدك وش وضهر كمان

في الجيش لا يعترفوا بحاجة اسمها آدمية

انت في الجيش بتكون جندي مجند يعني بيادة يعني تحفة يعني اي حاجة غير انك بني آدم

تحيا مصر

الجمعة, أكتوبر 03, 2008 4:43:00 م  

إرسال تعليق

<< Home