يَوْمِيَات وَلَد مَصْري

الخميس، يناير 08، 2009

هذا فراق بيني وبينك


"هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ" كانت هذه هي كلمات الخضر إلى أحد أولي العزم من الرسل وهو موسى عليه السلام، عندما حاد الأخير عن الاتفاق المبرم بينه وبين الخضر في ثلاث مواضع فقط، حيث نص هذا الاتفاق على "سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللهُ صَابِرَاً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرَاً" وكما يعلم الجميع فإن موسى عليه السلام لم يستطع أن يصبر على ما رآه من الخضر خلال رحلتهما معا مما اضطر الخضر إلى فض هذا الاتفاق ومن ثم توضيح لموسى عليه السلام أنه كان يمتثل لأوامر الله عز وجل في كل ما فعل "وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي" وكذلك أن الله تعالى قد أعطاه ما لم يعطي موسى عليه السلام "آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَدُنَّا عِلْمَا".

أيها السادة نحن الآن وللأسف الشديد أولى أن تقال لنا مثل هذه الكلمات، فعندما نطقنا بشهادة ألا إله إلا الله محمدا رسول الله كان تلكم هو العهد الذي قطعناه على أنفسنا بأن نمتثل لأوامر الله عز وجل ولا نعصى لرسوله صلى الله عليه وسلم أمرا، ولو كان الرسول بيننا الآن وحدث معنا ما حدث بين موسى والخضر لسمعناه صلى الله عليه وسلم يقول "هذا فراق بيني وبينكم".

نحن – المسلمون – من تهاون كثيرا في سننه صلى الله عليه وسلم وكثيرا ما سمعنا كلمة "دي سُنه" ويرتبط بهذه الكلمة وجوما بالوجه والقلب وشعورا بالاستصغار لهذا العمل لأنه سُنه، وقد نسينا قول ربنا عز وجل "فَلْيَحْذَرِ الذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُم عَذَابٌ أَلِيم".

في غزوة أحد قام بعض الصحابة بتأويل كلام الصادق المصدوق والمقصود بالتأويل هنا هو الاجتهاد في تفسير النص فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر رماة الجيش ألا يتركوا أماكنهم من فوق الجبل وبعد أن رأى الرماة انتصار المسلمين هموا بأن يتركوا مواقعهم، فذكرهم الآخرون بكلام النبي صلى الله عليه وسلم فاجتهدوا في تفسير كلامه صلى الله عليه وسلم وأن أمره لهم كان مرهونا بانتهاء المعركة، ولذلك فقد نزلوا من فوق الجبل ظنا منهم أن المعركة قد انتهت وعندما رأى خالد بن الوليد ذلك ولم يكن قد أسلم حينها فكَّرَ على المسلمين وقاتلهم وقتلهم وهزم يومئذ المسلمون واستشهد من رجال الصحابة سبعون، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزال بينهم.

نحن اليوم نتعجب لماذا لم ينصرنا الله؟ ولماذا ينهزم المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها؟ ونسينا أنه عندما خالف الصحابة قول النبي صلى الله عليه وسلم بدون قصد وكان ما يزال بينهم بأبي هو وأمي فلم تكن معهم نصرة الخالق سبحانه وتعالى وانهزموا وقتلوا، فما بالنا اليوم وقد خالفنا سنة النبي صلى الله عليه وسلم بتعمد وقصد وإصرار وهو ليس موجودا بيننا ليستغفر الله لنا؟

نعم نحن نستحق، فما يحدث فينا ما هو إلا حصاد مُر جنيناه من بذور أعمالنا، وسيستمر هذا الحصاد ما استمرت تلك البذرة الخبيثة فينا لأن تلك هي سنة الخالق في الخلق.

والله لا أدري ما أنا بفاعل إذا قابلته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة عندما تدنو الشمس من الرؤوس وتبلغ القلوب الحناجر وأنا أحمل أوزاري على ظهري وأطلب منه صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي عند جبار السموات والأرض فيقول لي "هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ" وحينها سأصرخ "يَا لَيْتَهَا كَانَتْ القَاضِيْة".

الفرصة أيها السادة مازالت قائمة ومازال باب التوبة مفتوح والأرواح في الأبدان فوالله تلك لنعمة قد أفلح من غنمها وقد خسر من ضيعها. فلنعود جميعا إلى حظيرة الدين وليكن شعارنا "وَعَجِلْتُ إلَيْكَ رَبِي لِتَرْضَى" ولنأتي بسنن حبيبنا صلى الله عليه وسلم علنا استطعنا يوم القيامة أن نرتشف من يده الشريفة تلكم الشربة التي لا نظمأ بعدها أبدا.

التسميات:

posted by ولد مصري at 10:29

19 Comments:

استغفر الله العظيم
استغفر الله العظيم
اللهم انى استغفرك واتوب اليك
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات

الخميس, يناير 08, 2009 11:40:00 ص  

كانوا أسوة لنساء العرب في التبرع
كيف مش فاهمه هنا النساء تبرع بالذهب

الخميس, يناير 08, 2009 3:15:00 م  

رجع لي مدونتين فاهميني بهذه كلمه

الخميس, يناير 08, 2009 3:16:00 م  

السلام عليكم ورحمة الله
ازيك يا بشمهندس معاك حق في كل كلامك ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ازاي ممكن ننتصر واحنا بنسمع عن قصص التفنن في المعاصي اللي كتير من ابناء الأمة بقوا بيجاهروا بها عادي
"فَلْيَحْذَرِ الذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُم عَذَابٌ أَلِيم".
ربنا يغفر لنا ويتوب علينا وينصر أخواننا المستضعفين

الخميس, يناير 08, 2009 6:17:00 م  

بحييك من كل قلبي على الموضوع اللي بعتبره اجمل ماقرأت في ظل الاحداث اللي العالم المسلم بيمر بيها


بعد اذن حضرتك طبعا انا هعمل لينك للبوست ده عندي

تحياتي

الجمعة, يناير 09, 2009 5:49:00 ص  

الله بجد بوست قوي وعميق


استغفرك ربي واتوب ليك

الجمعة, يناير 09, 2009 9:15:00 م  

السلام عليكم أخي...
جزيت خيرا أخي...
على مجهودك...
.......
صدقت والله ....
لن يغير الله حالنا ولن ينصرنا إلا إذا غيرنا مافي نفوسنا...
وإتبعنا نهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو نهج الدين ...
....
بارك الله فيك ..
في امان الله..

السبت, يناير 10, 2009 4:37:00 ص  

استغفر الله العظيم

اللهم ارضا عنا وارحمنا وتوب علينا يا ارحم الراحمين

جزاك الله خير

السبت, يناير 10, 2009 4:41:00 ص  

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صلى و سلم على الحبيب المصطفى
افضل صلاة و ازكى السلام ..

بوست متميز جدا و جميل حقا ان تربط بين ما حدث مع سيدنا موسى عليه السلام و بين الخضر و ما حدث للمسلمين فى احد و ما زال بينهم الرسول المصطفى و ما يحدث لنا الان .. احييك حقا على هذا التفكير المتميز و هذا البوست الرائع
و الذى تحركنا كلماته للحاق سريعا بباب التوبه قبل ان يغلق بفراقنا الحياه و تشعرنا كلماتك بروعة الايمان
و قربنا من الرحمن ..
سلمت يداك اخى الكريم
خالص التحيه و التقدير

الأحد, يناير 11, 2009 10:39:00 ص  

برينسيس

اللهم آمين

ربنا يتقبل

تحياتي

الأحد, يناير 11, 2009 11:43:00 م  

عاشقة القمر

انا بأقول إن عندكم في السودان تبرعت النساء السودانيات بالذهب في موقف يشهد لهم وكانوا أسوة لجميع النساء العربيات إنهم يتبرعوا هما كمان

اتمنى إني أكون وضحت قصدي

وبعدين إيه حكاية إنك عاوزة تقفلي المدونة دي أرجوكي عيدي نظر وممكن تأخذي أجازة بس بلاش حكاية القفل

تحياتي

الأحد, يناير 11, 2009 11:47:00 م  

أمل

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

فعلا إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم بس أنا يقيني إن الأزمة الحالية هتكون سبب في الاصلاح بإذن الله

تحياتي

الاثنين, يناير 12, 2009 1:35:00 ص  

سلمت يداك
اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطل وارزقنا اجتنابه

الاثنين, يناير 12, 2009 2:24:00 ص  

وايت هارت

أولا أهلا بيكي في مدونتي المتواضعة وأشكرك على كلامك الجميل

البوست طبعا تحت أمرك وأتمنى إن الله ينفع بيه كل من يقرأه

شكرا على زيارتك والتعليق وأتمنى دوام التواصل

تحياتي

الثلاثاء, يناير 13, 2009 10:58:00 م  

كيارا

شكرا على كلامك

هذا من فضل الله

وشكرا على الزيارة

تحياتي

الثلاثاء, يناير 13, 2009 11:00:00 م  

نهار

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزانا الله وإياكي

هذه سنة الله في الخلق أنه لا يغير أحوالهم حتى يغيروا حالهم معه سبحانه وتعالى

نعم نحن نحتاج لأن نتبع سنة حبيبنا صلى الله عليه وسلم لأن فيه النجاح والفلاح

تحياتي

الثلاثاء, يناير 13, 2009 11:03:00 م  

همس

جزانا الله خيرا وإياكي

وتقبل منك الدعاء

تحياتي

الثلاثاء, يناير 13, 2009 11:04:00 م  

روفي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اللهم صلي وسلم على محمد وآله أجمعين

هذا والله من فضل الله وكرمه أن يفتح علينا ببعض الأفكار علها تكون مفيدة لمن يقرأها

وأشكرك على كلماتك التي فعلا تكون معينا على الاستمرار لكل من يقرأها

خالص تحياتي

الثلاثاء, يناير 13, 2009 11:07:00 م  

موناليزا

جزاكي الله خيرا على الدعاء

اللهم استجب

واشكرك على زيارتك الكريمة والتعليق

تحياتي

الثلاثاء, يناير 13, 2009 11:08:00 م  

إرسال تعليق

<< Home